قال الله تعالى في سورة التوبة: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37)}
فالشهور اثنا عشر، ويعبر عنها بالعام لقوله: { يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا } أي الشهر من الأشهر الحرم يؤخرون حرمته إلى شهر آخر، فالعام اثنا عشر شهرًا على سبيل الجزم من خلال منطوق هذه الآية (37) من سورة التوبة. وقال الله تعالى في سورة البقرة: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)} ((وَالْحَوْلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْعَامُ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ تَحَوُّلِ دَوْرَةِ الْقَمَرِ أَوِ الشَّمْسِ فِي فَلَكِهِ مِنْ مَبْدَأٍ مُصْطَلَحٍ عَلَيْهِ، إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى السَّمْتِ الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ، فَتِلْكَ الْمُدَّةُ الَّتِي مَا بَيْنَ الْمَبْدَأِ وَالْمَرْجَعِ تُسَمَّى حَوْلًا. وَحَوْلُ الْعَرَبِ قَمَرِيٌّ وَكَذَلِكَ أَقَرَّهُ الْإِسْلَامُ. وَوَصْفُ الْحَوْلَيْنِ بِكَامِلَيْنِ تَأْكِيدٌ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حَوْلًا وَبَعْضَ الثَّانِي لِأَنَّ إِطْلَاقَ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ فِي الْأَزْمَانِ وَالْأَسْنَانِ، عَلَى بَعْضِ الْمَدْلُولِ، إِطْلَاقٌ شَائِعٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، فَيَقُولُونَ: هُوَ ابْنُ سَنَتَيْنِ وَيُرِيدُونَ سَنَةً وَبَعْضَ الثَّانِيَةِ.)) وقوله تعالى: { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:233] يقابل بقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)} [لقمان]؛ فالحديث عن الفصال من الإرضاع بعامين، وبيان مدة الإرضاع بحولين متكافئان في قوله: { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ (14)}[لقمان] وفي قوله: { يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ }[البقرة233]. وفي البخاري: ((جَاءَتْ امْرَأَةٌ … فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم…: لَا، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ…، فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَتْ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا[الحِفش: الخُصّ] وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ… ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِي؛ ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ.)) فالحول والسنة متكافئان كما هو واضح من نَصِّ الحديث، ويلاحظ إيراد لفظ المرور لبيان رأس الحول الذي كانت المعتدة تنتظره لترمي البعرة. تمر بها سنة أي: أيام سنة ولياليهن، فهو على حذف مضاف. قال زهير بن أبي سُلمى:
سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ ، وَمن يعِشْ ثمانِينَ حَوْلًا لا أبَا لكَ يَسْأمِ
ومعلوم أنهم يعدّون السِن أو العمر بالسنوات القمرية؛ فالسآمة يناسبها رتابة التكرار من مبدإ إلى معاد؛ فناسبها الحول؛ ولو قال (عامًا) لاستقام الوزن ولكن يفوت استحضار التكرار المملّ والسآمة. وفي اللسان: (( العامُ: الحَوْلُ يأْتي على شَتْوَة وصَيْفَة والجمع: أَعْوامٌ)). (( الحَوْل: سَنَةٌ بأَسْرِها)).((السَّنَة: العامُ…، إذا حملت النخلة سنة ولم تحمل سنة قيل: قد عاوَمَتْ وسانَهَتْ.)).((الحِجَّةُ: السَّنَةُ؛ والجمع حِجَجٌ وذو الحِجَّةِ شهرُ الحَجِّ سمِّي بذلك لِلحَجِّ فيه… في كلِّ حِجَّة: أَي في كلِّ سنة)) فالعام حول؛ والحول سنة؛ والسنة حِجة؛ كما هو بيّن من اتفاق الحول والعام في الآية (233) من البقرة والآية (14) من لقمان، وكما هو بين من الحديث، ومن الشعر؛ ومن المعجم، لا فرق في ذلك؛ فكله يشير إلى انقضاء اثني عشر شهرا؛ ومعلوم أن حساب العرب بالأشهر القمرية. ولكن يُراعى ما يصحب كل لفظة من أصل معناها: فالسنة: فيها صورة الاسترخاء والفتور، وأصلها سَنَو لجمعها على سنوات، ومن تقليبات الجذر: الوسَن وهو مقدمة النوم، وكأنَّ لفظ السنة يشير إلى فتور المطر فيها وما يعقب ذلك من جفاف. والعام: يستحضر فيه العَوْم وكثرة المطر وما ينجم عنه من خير. والحول: يستحضر معه الحساب من وقت معين إلى العودة إليه؛ ومنه في حساب المكان الطواف حول البيت. والحِجَّة: يستحضر معها وقت الحجّ؛ وزمنه معلوم يتكرر كل اثني عشر شهرا، مع ما فيه من رعاية لحرمة ما ارتبط بلفظها، ومنه قوله تعالى في سورة القصص{ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) } واختيار الحِجَج لتعيين الموعد ليرتبط الاتفاق بما يذكّر بحرمة نقضه وبالتطمين بالالتزام بالعهد.
فيتحصل كون العام والحول والسنة والحِجَّة بمعنى واحد؛ وهو مدة الاثني عشر شهرًا المعلومة، والمعنى الدقيق لكل منها ينظر من الاشتقاق أو من تراكم الدلالة بالاستعمال العرفي. وفي ضوء ما ورد من نصوص في المعجم والحديث والشعر ننظر في قوله تعالى: { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف:15] مع قولِه تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)} [لقمان] ومع قولِه تعالى: { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:233]
فالمدة المذكورة في قوله تعالى:{ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } هي مدة الإرضاع القصوى؛ التي لا يحقّ للوالد مطالبة الأمّ بالإرضاع وراءها؛ بدليل قوله { حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } أي يتمَّ مدة الرَّضاعة ((وَجَعَلَ تَعَالَى هَذِهِ الْمُدَّةَ حَدًّا عِنْدَ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ، فَمَنْ دَعَا مِنْهُمَا إِلَى كَمَالِ الْحَوْلَيْنِ فَذَلِكَ لَهُ.)) . وأن المدة الصغرى التي لا يقل الإرضاع عنها هي سنة وتسعة أشهر(21 شهرا) وهو الذي جاء في قوله تعالى: { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا } أخذًا بغالب مدة الحمل وهي تسعة أشهر. ويلاحظ الحديث عن ثقل الحمل وثقل الوضع وثقل الإرضاع، وكله لا تملك الانفكاك عنه؛ أما الحمل والوضع فظاهر، وأما الإرضاع فلأن المدة الصغرى له واحد وعشرون شهرا.
السنة والعام في قصة نوح عليه السلام:
قال الله تعالى في سورة العنكبوت:{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)}، والسورة تبدأ بالحديث عن الصبر على الفتنة في الدين والصبر على الأذى ومجاهدة النفس في ذلك، فكان ذكر المدة فيه تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم ولمن معه من المؤمنين الأولين؛ فكأنه قيل فأنت أولى بالصبر لقلة مدة لبثك وكثرة عدد أمتك. والكلام على الاعتبار بطول مدة الدعوة والصبر على الأذى بالإعراض وعدم الاستجابة؛ أو الأذى البدني؛ يقتضي أن يكون ذكر المدة مرادًا به مدةُ الدعوة وليس مدةَ الحياة كلها قبل الدعوة وبعد الطوفان، إذ لا فائدة من ذكر ذلك في أخذ العبرة والتصبّر على الأذى؛ فالآية تبدأ بذكر الإرسال { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} أي أنه يحمل رسالة إلى قومه فالكلام بشأنه وهو رسول، وليس في أول مولده؛ والفاء في { فَلَبِثَ فِيهِمْ } وفي{ فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ } معقبة مرتبة أي ترتب على تحميله الرسالة أنه لبث في قومه يبلغهم إياها هذه المدة المذكورة وهي ألف سنة إلا خمسين عامًا.
ووقف في الكشاف عند هذا الأسلوب في عرض المدة فقال: (( فإن قلت: هلا قيل: تسعَمائة وخمسين سنة؟ قلت: ما أورده الله أحكم لأنه لو قيل كما قلت، لجاز أن يُتوهم إطلاق هذا العدد على أكثره [ 945 مثلًا]، وهذا التوهم زائل مع مجيئه كذلك، وكأنه قيل: تسعمائة وخمسين سنة كاملة وافية العدد، إلا أنّ ذلك أخصر وأعذب لفظًا وأملأ بالفائدة، وفيه نكتة أخرى: وهي أنّ القصة مسوقة لذكر ما ابتلي به نوح عليه السلام من أمّته وما كابده من طول المصابرة، تسليةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتثبيتًا له؛ فكان ذكر رأس العدد الذي لا رأسَ أكثرُ منه؛ أوقع وأوصل إلى الغرض من استطالة السامع مدّةَ صبره.)) .
وأقول في هذا السياق أيضا: الأصل في ذكر العدد عندهم ذكر الآحاد فالعشرات فالمئات فالألوف فهذا العدد 950 يقرأ خمسين وتسعمائة؛ والبدء بخمسين يفوت المواجهة بالتفخيم في لفظ (ألف إلا خمسين) ، ولفظ ألف عندهم نهاية الأعداد؛ إذ لم يكن عندهم المليون فيعمدون إلى تكرار الألف عند الكثرة، فيقولون ألفُ ألفٍ، أي: مليون. وفي إيراد لفظي السنة والعام ههنا قال الزمخشري في الموضع نفسه: (( فإن قلت: فلم جاء المميِّز أوّلًا بالسنة وثانيًا بالعام؟ قلت: لأنّ تكرير اللفظ الواحد في الكلام الواحد حقيق بالاجتناب في البلاغة، إلا إذا وقع ذلك لأجل غرض ينتحيه المتكلم من تفخيم أو تهويل أو تنويه أو نحو ذلك .)) وقال ابن عاشور: (( وَأُوثِرَ تَمْيِيزُ أَلْفَ بِـ{سَنَةٍ} لِطَلَبِ الْخِفَّةِ بِلَفْظِ سَنَةٍ [أقول: السين في سنة أخف من العين في عام ولذا انعدم العين في كثير من اللغات]، وَمُيِّزَ {خَمْسِينَ} بِلَفْظِ {عَامًا} لِئَلَّا يُكَرَّرَ لَفْظُ {سَنَةٍ}.)) . أقول: فلفظ السنة مؤذن بالشدة، واستثني بلفظ العام لتجنب التكرار، ولكن قد يقال بالنظر إلى ما في معنى السنة من الشدة ومعنى العام من الرخاء لعل الخمسين كانت أعوامَ الدعوة الأولى قبل أن يشتد عليه قومه؛ ففيها الإشارة إلى الراحة النسبية في الدعوة.
والعناية بالعدد يذكر بقوله تعالى في سورة الكهف: { وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَمِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (25)} فالمراد العناية والتعجيب من طول لبثهم وهذا يفوت لوبدئ بالتسع فقيل تسع سنين وثلاثمائة؛ ولا يحسن أيضًا أن يقال بعد تسع سنين وازدادوا ثلاثمائة؛ لأن الزيادة تكون للقليل على الكثير الذي هو الأصل. ويلاحظ التشويق والترغيب في تنوين ثلاثمائةٍ؛ وتوقع ما يميَّز به العدد الذي لبثوه، ولم تضف إذ إضافتها تكون لمفرد (ثلاثمائة سنة)؛ فجاء التمييز جمعًا انسجامًا مع جو التعجيب والتعظيم؛ ثم جاءت { وَازْدَادُوا } يعني وفوق ذلك زادهم الله هذا الوقت فازدادوا؛ وهو للمطاوعة . والله سبحانه أعلم.
0 1٬505 6 دقائق